الأحد، 8 أغسطس 2010

يستشهدون يا أمّ ..يستشهدون

هل جاءك النبأ يا أمُّ..!!




تحلقت الخلائق حوله ...صامت كحجارة الأرض ..مسجّاً يتوسّد أكفّاً نائحة ..دمه يتوهّج كجمر مرّت به الروح أو تكاد...كنت هناك يا أمّ تلقفت صيحته الأخيرة ..تكبيرته العنيدة .

صدح الرصاص..وضجّت القنابل ..ثم سكنت ..هدأت...كهدأة الموت لحظة المخاض ..!!



هل سمعته يا أمّ !

دنوت منه حتى تناهى لمسمعي أنينه الخافت ..أزكت أنفي رائحة تتصبب من بين حناياه ...

واللثام يا أمي... لثامه ذاك الذي يشدّه على وجهه..يخفي ملامحه .. ..قلت لك أريد أن أراه ..! وعدتني..قلتِ " ذات يوم" ..قلتُ لك إذا مرّ بدارنا فلا تأذني له حتى أنظر إليه ..أمدّ إليه عينيّ .. أتحسس بهما قسماته .. علّ قلبي وقتها أن يلامس قلبه ..

عيناه اليوم كانتا مغمضتين ...كطفل شقيّ أضناه التعب ..



"أينه الآن يا أمُّ..أينه!"



أمطت لثامه لأرى جبهته السمراء كالوطن ..وجنتيه القاسيتين ..كالغربة...شفتيه تقاطر منهما دماء مخلوطات

بــ(ـالشهادة) ...!



وابتسامة ملؤها "السكينة"...أتراهُ يا أمُّ وجدها دوني !!!!!

أوّاه..... يا أمّ...ُ أوّاه .. !

وعلى خدّه الأيمن ..كانت تسيل برفق دمعة يتيمة ..بخفة سرقتها ....خلت أنها تخصني ...أو قلت لعلها أو ..ربما!!

..هاكها يا أمّ هذا ما تبقى لي ..دمعة يتيمة تملأ كفّي بالحسرة !

لِمَ تهدل الحمائم له ! لِمَ تزهر الشقائق له !..لِمَ تهاجر النوارس تجاه ناصيته ...لِمَ تصهل له خيول بيضاء!! لم يمتطيها ..لم يسرج ظهرها ..لم تحمله يوما إليّ...!



فلتصمت الحياة بضع دقائق إذا ..حزنا عليه!!



"قلبك قاس يا بنية ....فكيف ستطيب لك الحياة .!"

أوَ كان حقا كما قلتِ ...!

ربما..!

فأنا لم أره من قبل كما رأيته اليوم كما لن أراه أي يوم ..

لا تكفكفي دمعي يا أمّ ..لا تحبسي زفراتي ..لا تردمي تنهدات صدري المكلوم ...دعي حزني يؤنس جرحي..ويغمر آهي فلا يبقى مني ما آسى عليه...!

فأولئك الذين تشرق لهم الروح ...ويخفق لهم القلب ...وتكتحل بمرآهم رمش العيون ..

يستشهدون يا أمّ .....يستشهدون ...!!







23_9_2005

19_شعبان_1426


منتديات الساخر

منتديات المسك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق