الأحد، 8 أغسطس 2010

MISS RUBBISH

هذه ليست المرة الأولى التي ترى فيها فتى يقلّب حاوية النفايات ..ودّت لو تلتقط له صورة ..! لا تدري كيف مالت بالسيارة ناحيته تتأمله ، مؤكّد هو لم يلحظها ..استمّر في التقليب دون أدنى اهتمام لما يدور من حوله ، كانت ترى أنه يقوم بعمل عشوائي منظّم إلى حد ما في فرز النفايات ؛هو يلتقط غالبا العلب المعدنية الفارغة من معلبات أو مياه غازية والتي بالإمكان إعادة تكريرها و يبيعها ..و في النهاية يربح لقاء عمله هذا ولو اليسير من النقود.




وحيث إنها امرأة عادية جدا ..فإنها تبدأ يومها عادة ببعض الأعمال المنزلية ..أعني بالكثير من الأعمال المنزلية ..!..لها قدرة تنظيمية هائلة ..وامكانية على استغلال الوقت بشكل لا يمكن تخيله ،وترتيب الأولويات في تناول الفوضى التي تبثها الرعية في هذه المملكة الصغيرة .

لا شيء يهزمها .

فلكل شيء مكان ولزوم وهدف ،لكل شيء حيز يشغله يجب أن يشغله بالشكل المناسب تماما وكل شيء صالح للإستعمال مرارا ! تستطيع بمهارة إعادة تشغيل كل شيء إعادة استغلاله واستعماله حتى ينفذ تماما أو لا يعد صالحا للإستعمال أبدا ..!

تستخدمه (بحقه) كما يقول زوجها !

(بحقه) :هذه تعني بقدر ما وضعت مقابله من نقود..!

"وهذه رؤية اقتصادية جيدة يجب أن يتعامل معها المستهلك بجدية!" حدّثت نفسها





في تلك اللحظة العابرة من الزمن استوقفها أمر عجيب فعلا ؛ وهو أنها تتعامل مع النفايات أكثر مما تتعامل أو تحتك مع أي شيء كان !!

"هي _أي النفايات _ تأخذ من وقتها أكثر مما يأخذه أي شيء آخر " فكّرت..بل ولها مزاج غريب في التعامل معها فمثلا ..لم تكن تحبّذ رمي بقايا الطعام في حاوية النفايات ، كانت تفضّل رميها خلف سور المنزل حتى يتمكن أي كائن حي من التقاطها أو الاستفادة منها ..؛ نملة جائعة ..حشرة شريدة ..صرصار عابر ...فأر مهاجر..! أو حتى أن تمضغها تربة الأرض في عملية تكرير طبيعية جدا ..!!"وهذا ما يسمى باستثمار الطبيعة للطبيعة " كما كانت تقنع نفسها.



لا زالت تحتفظ به خلف الباب، صندوق يمتليء بالكثير من( البطاريات) منتهية الصلاحية ...يقال بالإمكان إعادة الإستفادة منها ، لم تكن تدري فعلا من سيفعل وكيف ومتى ..!. ويقال أيضا أن إلقاءها في أي مكان يشكل خطرا حقيقيا على البيئة ؛حتى ولو تم دفنها في عمق الأرض ..!

سيتسرب الزئبق المكون لها ؛ المادة الأكثر سمية في العالم والتي يستحيل تحلّلها ضمن أية ظروف بيئية!



"هذه فعلا مصيبة ..!" قالت هذه الأمّ

"لا بد من وسيلة مجدية للتخلص منها دون أي أثر سلبي "



يا الله الحديث عن النفايات أمر ممتع حقا !

استرسلت وهي تفكر أنها قد تتمكن من إيجاد حل للتخلص أو الإستفادة من كل أنواع النفايات التي ننتجها يوميا .

فقد تستطيع إعادة تكرير كل هذه المواد والإستفادة منها .."بالإمكان توظيف كل المشردين الذين يعملون لحسابهم الخاص في حاويات القمامة العامة....سيعملون لحسابي .." قالتها محدّقة خارج النافذة

فكّرت أنها ستعمل لأجل حاويات أكثر نظافة وترتيبا وتنظيما ..!

ربما ستكون معدّة بشكل يسمح لترتيب كل شي في داخلها؛ أرفف، دواليب خاصة لتنظيم المحتويات وتوزيعها!

وستعتني بنظافتها كما تعتني بنظافة كل شيء؛ كي لا يتسخ أحد حين استخدامها!



عندها قد يكون لأولئك العاملين لحسابها دخل ثابت، وقد يتمكن أغلبهم من تخطي مستوى الفقر الذي يعيشه وستعمل الأرباح الجانبية على تحسين مستوى معيشتهم ..!

قد تقل معدلات البطالة التي ما تزال في ازدياد مضطرد..!

"وحتى البيوتات قد تعمها السكينة والهدوء" قالتها متنبهة؛ ذلك أنه لن تحدث أي مشاحنات وخلافات على (من سيلقي بالقمامة خارجا( !



و الأزواج سيتوقفون عن التذمر من كثرة أكياس القمامة التي تخرج من منازلهم ،وسيشعرون بالرضى التام حين يجدون أن زوجاتهن تعملن وبدخل ثابت دون الإضطرار للخروج من المنزل ،وبطريقة عملية جدا اقتصادية جدا ،تُظهر حرصا أكيدا على مال الزوج المهدور دوما _كما هو الإعتقاد السائد!!!_



حسنا وبالإمكان الإستفادة من فكرة مذهلة ،ولها فقط هي وحدها سبق التفكير بها ، ستضعها ضمن حيز التنفيذ طبعا ؛ ألا وهي اختراع سلة مهملات قادرة على تحليل النفايات إلى عناصرها الأولية بمجرد وضعها فيها..!

سيكون لديها التمويل اللازم لصناعتها وقتها ،سيكون ذلك أيضا سببا لتشغيل بعض العقول العلمية التي تتراكم كاسدة أكثر مما تتراكم النفايات في حاويات القمامة ..!

وقد يأتي ذلك اليوم الذي تحلم به حيث تنهال عليها اللقاءات الصحفية للحديث عن هذا المشروع الضخم ..وبرامج كثيرة جدا عبر الفضائيات ..ربما وقتها ستتحدث عن والديها _تماما كما يفعل المشاهير _ كونهما ربياها تربية صالحة وكيف كان لهذا أثر على تحقيق حلم حياتها ..وبالطبع لن تنسى أن تشكر زوجها مساندته ودعمه الدائم لكل مشاريعها وأفكارها ؛وكيف وفر لها الأجواء الملائمة جدا للتفكير الجدّي والحقيقي في القمامة!!!!

"قد تنشأ منظمة عالمية تُعني بشكل خاص بمنتجاتنا الثمينة من النفايات " قالت مستمتعة باسترسالها.

قد يحدّ الإستغلال التام لبقايا الطعام مثلا من بعض المجاعات في الدول المجاورة الفقيرة !

أو قد يشجع على تشغيل لرؤوس الأموال لبعض الدول المجاورة الغنية !

ستكون بهذا مواطنة صالحة جدا منتمية جدا ..سيعترف بها دوليا ..

وقد ربما ..يتم ترشيحها لمسابقة عالمية لاختيارها كملكة القمامة!.

Miss Rubbish

ستضع التاج فوق رأسها بمنتهى الوقار ،وتسير كملكات الجمال ،مثلهن تماما بتؤدة ،وخفة "لن يحتاج الأمر للحمية أو لعمليات الحشو والشد المؤلمة "_فكّرت وهي تسير فوق بلاطات المطبخ برفق _ لأنها ستكون كما هي فريدة جدا من نوعها ، وستشعر وقتها أنها ولأول مرة في حياتها يتحقق لها حلم حتى النهاية وكما تريد تماما!

:

:



في هذه الأثناء وحين كانت تفكر وتسترسل في خيالاتها المجنونة أيضا وأيضا تعيشها تلك اللحظة النادرة من الزمن ؛وإذ بهزة أرضية خفيفة على مقياسها الأنثوي جعلتها تهبط بفكرها المحلق أرضا ،أصوات تقترب تعلو تخفت ،صراخ وخبط وضرب وطرق للباب بعنف ؛كان زوجها ومعه جيش من الرعية المبجلة ، نظر لها وقد تضخم حجمه مرتين ونصف ..وازداد طوله ذراعين وشبر ، وأشار بطرْف يميل إلى الحمرة المشتعلة أو يكاد إلى كيس قمامة كبير كان يتكيء على عتبة الباب الرئيس وبين زئيره الموشك هذا الملك ، وموائها المتطّلب تلك الرعية والتي ما زالت تقفز بفوضى رتيبة ،شدّت على شعرها ما تطاله يدها وحزمت كيس القمامة وحلمها (!) وذهبت به خارجا ..بعيدا حيث يجب ..ألقته ، ثم عادت خاوية اليدين من كل شيء من أي شيء ، وكم كان ذلك مريحا ! وهادئا ..!وسريعا!





_انتهت_



منتديات الساخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق